تحقيق التنمية المستدامة في المجتمع
أ.م.د. زينة عبد المحسن راشد الجامعة المستنصرية / كلية التربية الأساسية
ملخص البحث:
ادت التطورات العلمية التقنية خلال النصف الثاني من القرن العشرين قاعدة أساسية ، لتشكل حالة جديدة من الحضارة الإنسانية تميزت بتحقيق إنجازات مذهلة في تقنيات الحاسوب ووسائل الاتصال فضلا عن عدد آخر من الإنجازات التقنية التي حازت على اهتمام كثير من المراقبين، لكنها في الوقت نفسه أهملت المشاكل المتعلقة بفرص بقاء الإنسانية في ظروف الأزمات البيئية الكونية المصاحبة لهذه الحالة الجديدة من الحضارة حيث يمكن ملاحظة الانخفاض النسبي في اهتمام كل من الجماعة العلمية والمجتمع السياسي بتلك المشاكل خاصة في ظل غياب طريق واقعي لحل مثل تلك المشاكل البيئية.
تبنت غالبية الدول الصناعية المتقدمة في النصف الثاني من القرن العشرين طريق التقدم المتنامي في العلم والتقنية، وأساليب الإنتاج مما أدى إلى بروز ما أصبح يعرف بمجتمع المعلومات أو المجتمع ما بعد الصناعي الذي لم يعد يعتمد على نشاط الأفراد ولا على المجتمع ككل بقدر اعتماده على فرضية قدرة البشر على السيطرة على ذلك التقدم. إلا أن التطورات غير المنضبطة المصاحبة للتقدم الصناعي قد أسهمت من جانب أخر في تنامي سلسلة من المشاكل ذات الطابع البيئي، حيث أضحت قضايا التدهور البيئي، والتصحر، والفقر، وعدم المساواة الاقتصادية، والدفء الكوني، والانفجار السكاني، وتزايد معدلات انقراض الكائنات الحية بشكل مخيف، والأمطار الحمضية، واستنفاد طبقة الأوزون، وتلوث الماء والهواء .
إن بروز هذه المشاكل البيئية وتفاقم حدتها عدة تحديات غير منظورة للعلوم الاجتماعية وللاهتمامات اليومية للمواطنين والحكومات والمصالح الخاصة، حيث لم يعد ما يواجهه العالم اليوم محصورا في الحالة المتمثلة في استنزاف الموارد الطبيعية التي يمكن مواجهتها؛ وإن كان بطريقة محدودة وغير ذات كفاءة من خلال إحلال رأس المال الطبيعي برأس مال مادي، ونتيجة ما أحدثته الثورة الصناعية من أضرار بيئية نشأت تساؤلات حول التنمية الاقتصادية وعلاقتها بالبيئة ، وعن النمو المتزايد في الجانب الاقتصادي على حساب المقدرات البيئية ، والنظم الاجتماعية. فان الاستخدام الجائر للمصادر الطبيعية و استنزاف الثروات الأرضية والزيادة السكانية المضطردة أدى إلي أن ينتبه العالم إلي أهمية دراسة هذه الإمكانيات و كيف ستلبي الاحتياجات المتزايدة في المستقبل . وقد هيأت الدراسة التي أعدتها لجنة بروندتلاند لعام 1987 بعنوان مصيرنا المشترك ، الانطلاقة الفعلية للتنمية المستدامة.
تقوم حركة الاستدامة اليوم تطوير وسائل اقتصادية وزراعية جديدة تكون قادرة على تلبية احتياجات الحاضر وتتمتع باستدامة ذاتية على الأمد الطويل، خاصة بعدما أتضح أن الوسائل المستخدمة حاليا في برامج حماية البيئة القائمة على استثمار قدر كبير من المال والجهد لم تعد مجدية نظرا لأن المجتمع الإنساني ذاته ينفق مبالغا وجهودا أكبر في شركات ومشاريع تتسبب في إحداث مثل تلك الأضرار. وهذا التناقض القائم في المجتمع الحديث بين الرغبة في حماية البيئة واستدامتها وتمويل الشركات والبرامج المدمرة للبيئة في الوقت نفسه هو الذي يفسر سبب الحاجة الماسة لتطوير نسق جديد مستدام يتطلب إحداث تغييرات ثقافية واسعة فضلا عن إصلاحات زراعية واقتصادية.
Abstract
During the second half of the 20th century, scientific and technological developments led to a new state of human civilization characterized by remarkable achievements in computer and communication technology as well as a number of other technical achievements that attracted the attention of many observers, but at the same time neglected the problems related to The chances of survival of humanity in the circumstances of global environmental crises associated with this new state of civilization, where the relative decline in the interest of both the scientific community and the political community can be seen in these problems, especially in the absence of a realistic way to solve such environmental problems.
In the second half of the 20th century, the majority of advanced industrial countries adopted the path of growing progress in science and technology and production methods, leading to the emergence of what became known as the post-industrial information society or society, which no longer depended on the activity of individuals or the society as a whole. Humans have to control that progress. However, the undisciplined developments accompanying industrial progress have contributed to a growing series of environmental problems, with environmental degradation, desertification, poverty, economic inequality, global warming, population explosion, and increasingly frightening extinction of living organisms, Acid rain, depletion of the ozone layer, and water and air pollution.
The emergence and exacerbation of these environmental problems are several unforeseen challenges to the social sciences and to the daily concerns of citizens, Governments and private interests. Today, the world is no longer limited to the depletion of natural resources that can be met; albeit in a limited and inefficient way, Natural money with physical capital As a result of the environmental damage caused by the industrial revolution, questions arose about economic development and its relation to the environment, and the growing economic growth at the expense of environmental capabilities and social systems. The overuse of natural resources, the depletion of land resources and the steady increase in population have led the world to take note of the importance of studying these possibilities and how they will meet the growing needs in the future. The 1987 study by the Brundtland Commission, entitled Our Common Destiny, has provided the effective start for sustainable development.
The sustainability movement today is developing new economic and agricultural means that are able to meet the needs of the present and enjoy long-term self sustainability, especially since the means currently used in environmental protection programs based on investing a great deal of money and effort are no longer feasible because the same humanitarian community is spending And greater efforts in companies and projects that cause such damage. This contradiction in modern society between the desire to protect and sustain the environment and the financing of companies and programs that destroy the environment at the same time explains why there is an urgent need to develop a new sustainable pattern that requires broad cultural changes as well as agricultural and economic reforms